السلطه ....والديمقراطية
والمدافعون عن السلطة المطلقة من أمثال طوماس هوبز وسير روبرت فيلمر في إنجلترا، والأب جاك بوسيه وجان بودان في فرنسا، كانت تحركهم باستمرار الفكرة أن أي حكومة تحتاج
إلى سيادة أي إصدار القرارات دون مساءلة. وما دامت السيادة نفسها تمارس عن طريق القانون: كان السيد الحاكم يمكن نقده هو نفسه عن
طريق القانون، رغم أن القانون من صنعه.
لم يكن روسو ينصح الناس بالعودة إلى حالة من الفطرة. بل كان يعتقد أن
الناس بوسعهم أن يكونوا أقرب ما يكونون إلى مزايا هذه الحالة، إذا عاشوا في مجتمع
زراعي بسيط، حيث يمكن أن تكون الرغبات محدودة، والدوافع الجنسية والأنانية محكومة،
والطاقات كلها موجهة نحو الانهماك في الحياة الجماعية. وفي كتاباته السياسية، رسم
روسو الخطوط العريضة للنظم التي كان يعتقد، أنها لازمة لإقامة ديمقراطية يشارك فيها كافة المواطنين. يعتقد روسو أن
القوانين يتعيّن عليها أن تعبر عن الإرادة العامة للشعب. وأي نوع من الحكم يمكن أن
يكتسب الصفة الشرعية مادام النظام الاجتماعي القائم إجماعيًا. واستنادًا إلى ما
يراه روسو، فإن أشكال كافة الحكم تتجه في آخر الأمر إلى الضعف والذبول. ولا يمكن
كبح التدهور إلا من خلال الإمساك بزمام المعايير الأخلاقية، ومن خلال إسقاط جماعات
المصالح الخاصة. وقد تأثر روبسْبيير وغيره من زعماء الثورة الفرنسية بأفكار روسو
بشأن الدولة، كما أن هذه الأفكار كانت مبعث إلهام لكثير من الاشتراكيين وبعض الشيوعيين.
قام روسو بانتقاد المجتمع في رسائل عديدة. ففي رسالته تحت عنوان:
"بحث في منشأ وأسس عدم المساواة" (1755م)، هاجم المجتمع والملكية الخاصة
باعتبارهما من أسباب الظلم وعدم المساواة. وكتابه "هلويز الجديد"
(1761م) مزيج من الرواية الرومانسية والعمل الذي ينتقد بشدة زيف المبادئ الأخلاقية
التي رآها روسو في مجتمعه. وفي كتابه "العقد الاجتماعي" (1762م)، وهو
علامة بارزة في تاريخ العلوم السياسية، قام روسو بطرح آرائه فيما يتعلق بالحكم
وحقوق المواطنين. وفي روايته الطويلة "إميل" (1762م) أعلن روسو أن
الأطفال، ينبغي تعليمهم بأناة وتفاهم. وأوصى روسو بأن يتجاوب المعلم مع اهتمامات
الطفل. وحذر من العقاب الصارم ومن الدروس المملة، على أنه أحس أيضًا بوجوب الإمساك
بزمام الأمور لأفكار وسلوك الأطفال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق